الوصف
في هذه المادة نتعرف على تاريخ أرض الزبير والتي اهتم فيها الرسول صلى الله عليه وسلم بها.
نبذة
هي أرضٌ تقع في الجهة الشمالية للمدينة في منطقة تسمّى الغَابَة وهي منطقة خصبة ،وتُبرِز عناية رسول الله صلى الله عليه وسلم بإحياء المَوَات وهو تشريعٌ يقوم على أنّ من أحيا أرضاً مَواتاً فهي له.
أقرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصار على أراضيهم، بينما وزّع على المهاجرين أراضي بعيدة ليقوموا بإحيائها بالزراعة فتصبح مُلكاً لهم ومنها أرض الزبير والتي تبعد 6 كيلومتر عن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ،ولمّا كان الزبير نموذجاً يتقدّ قوةً ونشاطاً ويحبّ العمل أبدع نوعاً جديداً لسقاية المزروعات: فقد أوجد حوضاً عُرِفَ ببركة الزبير صار يسقي منها، هؤلاء المهاجرون رضوان الله عليهم ما كانوا عَالةً على أهل المدينة بل أضافوا إليها وساهموا في بنائها.
البخاري:
عن أسماء رضي الله عنها: تَزَوَّجَنِي الزُّبَيْرُ، وما له في الأرْضِ مِن مالٍ ولا مَمْلُوكٍ، ولا شيءٍ غيرَ ناضِحٍ وغَيْرَ فَرَسِهِ، فَكُنْتُ أعْلِفُ فَرَسَهُ وأَسْتَقِي الماءَ، وأَخْرِزُ غَرْبَهُ وأَعْجِنُ، ولَمْ أكُنْ أُحْسِنُ أخْبِزُ، وكانَ يَخْبِزُ جاراتٌ لي مِنَ الأنْصارِ، وكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ، وكُنْتُ أنْقُلُ النَّوى مِن أرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتي أقْطَعَهُ رَسولُ اللَّهِ ﷺ على رَأْسِي، وهي مِنِّي على ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ، فَجِئْتُ يَوْمًا والنَّوى على رَأْسِي، فَلَقِيتُ رَسولَ اللَّهِ ﷺ ومعهُ نَفَرٌ مِنَ الأنْصارِ، فَدَعانِي ثُمَّ قالَ: إخْ إخْ لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ، فاسْتَحْيَيْتُ أنْ أسِيرَ مع الرِّجالِ، وذَكَرْتُ الزُّبَيْرَ وغَيْرَتَهُ وكانَ أغْيَرَ النّاسِ، فَعَرَفَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ أنِّي قَدِ اسْتَحْيَيْتُ فَمَضى، فَجِئْتُ الزُّبَيْرَ فَقُلتُ: لَقِيَنِي رَسولُ اللَّهِ ﷺ، وعلى رَأْسِي النَّوى، ومعهُ نَفَرٌ مِن أصْحابِهِ، فأناخَ لأرْكَبَ، فاسْتَحْيَيْتُ منه وعَرَفْتُ غَيْرَتَكَ، فقالَ: واللَّهِ لَحَمْلُكِ النَّوى كانَ أشَدَّ عَلَيَّ مِن رُكُوبِكِ معهُ، قالَتْ: حتّى أرْسَلَ إلَيَّ أبو بَكْرٍ بَعْدَ ذلكَ بخادِمٍ تَكْفِينِي سِياسَةَ الفَرَسِ، فَكَأنَّما أعْتَقَنِي
شُبهتان:*-الرد على الشبهة الأولى:
الشبهة: فَلَقِيتُ رَسولَ اللَّهِ ﷺ ومعهُ نَفَرٌ مِنَ الأنْصارِ، فَدَعانِي ثُمَّ قالَ: إخْ إخْ لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ، فاسْتَحْيَيْتُ أنْ أسِيرَ مع الرِّجالِ، وذَكَرْتُ الزُّبَيْرَ وغَيْرَتَهُ وكانَ أغْيَرَ النّاسِ، فَعَرَفَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ أنِّي قَدِ اسْتَحْيَيْتُ فَمَضى
الجواب: سبب الإشكال أنهم تصوروا أنه سيركبها معه، وهل فعل؟؟؟ ومن قال ذلك؟؟؟ فلعله صلى الله عليه وسلم أراد أن يُركبها وما معها ويَركب هو شيئاً آخر أو يمشي، قال ابن حجر رحمه الله في"فتح الباري": كأنها فهمت ذلك من قرينة الحال، وإلا فيحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم أراد أن يُركبها وما معها ويَركب هو شيئاً آخر غير ذلك، وقولها: فاستحييت أن أسير مع الرجال، هذا بناء على ما فهمته من الارتداف وإلا فعلى الاحتمال الأخير ما تتعين المرافقة... وفيه جواز ارتداف المرأة خلف الرجل في موكب الرجال، قال: وليس في الحديث أنها استترت ولا أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بذلك، فيؤخذ منه أن الحجاب إنما هو في حق أزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة.
الشبهة الثانية: *-رواية: اسق حتى يبلغ الجدر.
قال البخاري: (باب: سَكْر الأنهار): عن عُروة، عن عبدالله بن الزُّبير رضي الله عنهما: أنه حدَّثه أن رجلاً من الأنصار خاصم الزُّبَير عند النبيِّ صلى الله عليه وسلم في شِرَاج الحَرَّة التي يَسقُون بها النَّخل، فقال الأنصاريُّ: سَرِّح الماء يَمُرُّ، فأبى عليه، فاختصما عند النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للزُّبَير: (اسْقِ يا زُبَير، ثم أَرْسِل الماء إلى جارك)، فغضب الأنصاري، فقال: أَنْ كان ابن عَمَّتِك، فتَلَوَّن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: (اسقِ يا زُبَيْر، ثُمَّ احبِس الماء، حتى يَرجِع إلى الجَدْر). فقال الزُّبَير: والله إني لأَحسِبُ هذه الآية نزلت في ذلك: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ﴾ [النساء: 65] (حتى يرجع إلى الجدر)، أي: يصير إليه، (والجَدْر): هو المُسَنَّاة، وهو ما وضع بين شَرَبات النخل كالجدار)) وقال البخاري أيضًا: ((باب: شِرْب الأعلى إلى الكعبين. وذكر الحديث وفي آخره: قال ابن شِهاب: فقَدَّرَت الأنصار والنَّاس قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: (اسقِ، ثم احبِس حتى يَرجِع إلى الجَدْر). وكان ذلك إلى الكعبين[8])) حكم له بالفضل لصلته بالزبير وقرابته له، فلما راجعه الآخر حكم له بالحق، وكان في ذلك فزاد من حصة الزبير.
ملاحظة هامة في معرفة الغَابة، لما يتعلق بها من أحكام:
*-أهمية العمل وإحياء الموات: رواية البخاري في حديث طويل: قالَ: وكانَ الزُّبَيْرُ اشْتَرَى الغَابَةَ بسَبْعِينَ ومِئَةِ أَلْفٍ، فَبَاعَهَا عبدُ اللَّهِ بأَلْفِ أَلْفٍ وسِتِّ مِئَةِ أَلْفٍ. أبو داود: أنَّ ابنَ عُمَرَ كان يخرُجُ إلى الغابةِ فلا يُفطِرُ ولا يقصُرُ.البخاري، ومسلم: كان مِن أثْلِ الغابةِ، يَعني: مِنبرَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلم.