الوصف
تحدث المقال عن قبيلة بني قينقاع، وسوقها، وموقعه، وسبب التسمية، وما يرتبط بذلك من أحداث ووقائع.
نبذة
قبيلة بني قينقاع (حي قُربان حالياً): تبعد 3 كيلومترعن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت تسمّى قرية قُربان لكثرة الأشجار فيها، نلاحظ فيها كثرة الآطام والآطام: مفردها أُطُم وهي قلعة صغيرة تكفي الإنسان وذويه المقربين ،عند اشتعال الحروب كانت كل قبيلة تُدخِل أهلها في هذه الآطام ويدافعون عن أنفسهم في المدينة ،إلا أنّ دورها انتهى بعد مجيء رسول الله إلى المدينة و كثرة بناء المساجد.
تخصصت قبيلة بني قينقاع بالصِّياغة ولهم سوقاً تدعى سوق الصَّاغة و تقع منازلهم في العالية في الشمال الغربي من المدشونية وهي من المناطق المحيطة بالمسجد النبوي، الممتدة بين قباء غرباً، والعوالي شرقاً، وبها تربة صُعَيب "بستان الشفاء" وسوق بني قينقاع و مزارع وبساتين متجاورة مثل المشرفية والحكيمية والمدشونية،و قد ذكرها الأستاذ حمد الجاسر في إضافاته على كتاب المغانم المطابة باسم قرية قُربان، لكن زَحف العُمران إلى مزارعها فيما بعد ولم يبق إلا القليل، وتتميز الأبنية فيها بالضخامة نسبياً، كما تحوّل الشارع الرئيسي فيها إلى سوق تجارية نشطة لبيع الأدوات الكهربائية والمنزلية إلى جانب عدد من المطاعم المتنوعة.
سوق بني قينقاع :
سُمِّيَ بهذا الاسم نسبة إلى قبيلة بني قينقاع اليهودية التي كانت تسكن في المنطقة المحيطة به، وكانت لهم دكاكين كثيرة فيه، كما سُمِّي أيضاً سوق الجسر لوجود جسر على وادي بطحان بجانبه، وهو سوق قديم مشهور، كان في أول الأمر مثل بقية الأسواق الموسمية أرضاً مكشوفة يأتي إليها التجار والمتسوقون في أوقات معلومة، ويتفاخر الناس فيه، ويتناشدون الأشعار، وبه اجتمع حسان بن ثابت، والنابغة الذبياني، وقيس بن الخطيم، ثم بنى فيه اليهود دكاكينهم، وكان أهم أسواق المدينة التجارية في العصر الجاهلي يزدحم ازدحاماً كبيراً، فتكثر فيه الحركة وتسمع ضجة البيع والشراء من بعيد، وقد اشتهر هذا السوق بصناعة الحلي والزينة والأسلحة والأدوات المنزلية والاتجار بها، وظل هذا السوق قائماً إلى السنة الثانية من الهجرة، حيث خطّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سوق المناخ وتخلص المسلمون من تحكم اليهود في السوق.
ويروي ابن هشام سبب زوالها: أن امرأة من المسلمين قدمت السوق ببضائع فباعتها، وجلست إلى صائغ فأراد أن تكشف وجهها فأبت، وعقد طرف ثوبها بظهرها فلما قامت تكشفت فصاحت فوثب رجل من المسلمين فقتل الصائغ، فاجتمع عليه اليهود فقتلوه، فحاصرهم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حتى نزلوا على حكمه فأجلاهم عن المدينة.
ومن الضروري لنا أن نعلم أنّ اليهود كانوا يتحاكمون إلى شريعتهم في التوراة في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أعطاهم رسول الله الإستقلالية فلهم دينهم، واتفقوا أن يكون رسول الله مرجعهم في حال اختلافهم على شيءٍ ما، ولو أن اليهود رضوا أن يتحاكموا إلى شريعة الإسلام لبقوا إلى يومنا هذا في مدينة رسول الله لما فيها من رحمة ولكنهم أبوا إلاّ الإحتكام إلى شريعتهم، كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يطرد كل اليهود من المدينة بل أخرج منها فقط القبائل التي نقضت العهد الذي كان بينها وبينه بموجب صحيفة المدينة فالمسألة ليست مسألة دِين أوعِرق بل قضية التزام أو عدمه، و كلنا يعلم أنّه عليه الصلاة والسلام مات ودرعه مرهونة عند يهودي من يهود بني عبد الأشهل، كما أنّ جاره كان يهودياً وقبل وفاته عليه الصلاة والسلام مرّ على بعض اليهود وقال لئن عشت إلى عاشوراء لأصومنَّ يوماً قبل ويوماً بعد، ومن هنا نفهم أن هناك يهوداً بقوا في المدينة والذين أُخرِجوا منها هم من نقضوا العهد فقط وخانوا رسول الله صلى الله عليه وسلم.